حدق في التاريخ لو شئت افتتاناً ببطولات من سبقوك وارتحلوا ثم وارِ فتنة بصرك وحكّم كل بصيرة تسكن حنايا ذاك النور الذي يجتاحك واخبرني ماذا ابصرت؟ فاذا رجع خاسئا متحسرا على فلوات من نكران الفضيلة واستعلاء الفحولة وتوحش الرجولة الفارغة ,فعاود فعلك كرتين حتى تستبين اصل التاريخ المجيد ذاك! ثم حدثني هل من اثر لديوك الشرق الحديث لديك؟ واي تمجيد الهي حظي به سمو المنفوش هذا حتى توج سيدا في مزارع الشرق وقذارته.
ان اكثر ما يستفز الشرقي في دار امارته تلك هو تربع الأنوثة على عرشه بل لربما مجرد اقترابها منه, اذ ان ملكه هبة الهية لا يدخلها شائبة ولا يعري قدسيتها اثم ولا خطيئة وان بطشه نعمة سماوية استحقها لذكورية تحمل عنفوان الاله الذكر الذي يبجله فلا يعترض عليها الا كل جاحد بحكمة الله وقدسية مشيئته. فما كان من الخلق دونه الا ان سجدوا لربوبية تتجسد في شارب اهزل , واقروا بسمو لحية حقيرة تباركها يد القدير في كل زمان وحين, حتى اصبحت معالمه تختصر الزمكان المحدود الذي فرض على بني البشر المنبوذين عن عالم الالهة العظيمة.
ولكن هل نسي ذاك المتبجح بان ذكوريته اعطيت لدِيك, وان عظمة ما يملكه اعطي لقط حقير يجول في ازقة القذارة والغثيان. ام انه قد غفل عن ان كماله اعطي لناقصة حملته وهن على وهن حتى ملك ما ملك من بطش وقوة… فأي اله هذا الذي يتأتى من نقص او اي عظمة تلك تبصقها جيفة مرمية في زوايا مجتمع, لا يكاد يسمع لها فيه تأوه او يرى لها فيه ظل. ام هل نسيت تلك الخانعة تحت بطشة الاله المخلوع ذاك انها لو ارادت ففي ثناياها الوهية الخلق, ومجد التاريخ الانساني, والتجلي الامثل لابداع السماء الثكلى على بنيها.
الا ايها التائهون في خطايا الجحود والخنوع لو انكم تنصتون الى رغبة صانعكم لعلمتم ان في خلقكم سر, وان السر هذا في النقص الذي يجتاحكم من كل صوب, وانه لا كمال لكم الا أن يجتمع النقيضان في كمالية الروح الواحدة. فكل الوهية زائفة لو خاضت التجارب بمفردها,وأن كل دونية يعيشها النقص في ظل النقص انما تجريد للنفس من كل تجليات الله فيها. وأن اجسادكم ولو اختلف ظاهرها فإن جل خلقها كان للسعي, وقد فضل السعاة على القواعد اجراً عظيما.
كما قد يعلم البعض منكم ، كانت اللغة العربية مكتوبة في الأصل بدون نقاط و حركات تشكيل، هل تساءلت يومًا كيف كانوا يلقون الخطب؟ كيف كانوا يقرأون القصص و الأشعار من دون نقط على الاحرف؟ الم تتشابه الاحرف بالنسبة لهم؟
أنا الوحيدة التي لن تكون قادرة على التفريق بين ط وظ او بين ص و ض و غ و ع؟ هل استغرقهم المزيد من الوقت لقراءة نفس الجملة بالنقاط كما هي بدون؟ هل تلعثموا عند القرأة؟
لذلك أجريت القليل (و بالقليل اقصد الكثير) من البحث على لغتنا ، فهل أنت جاهز(ة) لنكتشف سوياً جزء من تاريخ هذه اللغة ؟
حسنًا ، قبل أن نبدأ في تحليل من نقط الحروف في المقام الأول ، عثرت على بعض النظريات التي ساعدتني على فهم الصورة الكبيرة
النظرية الاولى
الدؤلي المعروف أيضًا باسم ابو الاسود أو ملك القواعد ، قام بوضع النقط على حروف عربية ليسهل على الناس قراءتها
النظرية الثانية
نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني قاما بوضع النقط و ترتيب الابجدية بالطريقة التي نعرفها اليوم
النظرية الثالثة
الحروف العربية كانت منقوطة قبل الدؤلي ، وقد نال الفضل في ذلك عبر التاريخ عن غير حق
كيف نعرف النظرية الصحيحة؟ وضعت نظارتي وقمت بتفعيل وضعية المحقق كونان و اكتشفت الآتي
بعد الكثير من القراءة وصلت إلى صفحة فيسبوك تحت اسم “علماء العرب” حيث شاركوا قصة وجدتها شخصيا مثيرة للاهتمام وهي على النحو التالي:
ذهب الدؤلي لرجل يسمى زياد و قال له “اريد كتاباً يستطيع ان يفهم الحركة من فمي”
اتى زياد بأول رجل وبدأ في كتابة الحروف بطريقة تتوافق مع حركة فم الدؤلي لكن الدؤلي لم يوافق على طريقته
لذلك اتى زياد بالرجل الثاني وأخبره الدؤلي هذا (باقتباس): إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه، وإذا ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف (أي داخل الحرف أو أمامه)، وإذا كسرت فمي فاجعل النقطة تحت الحرف، فإذا أتبعت شيأ من ذلك( أي أتبع فتح الفم أو ضمه أو كسره) غنّة(فالغنة لغة صوت له رنين في الخيشوم وفي اصطلاح علماء التجويد صوت خفيف يخرج من الخيشوم ولا عمل فيه للسان وتمد) فاجعل النقطة نقتطين
على سبيل المثال جملة تقول:
إنّ الذي مَلَأ اللُغاتِ مَحاسِناً جَعَلَ الجَمالَ و سَّرهُ في الضَّادِ
ستكتب على هذا النحو:
اخذت هذه القصة احداثها في عام 67 هجري اي ما بين العامين 686 و 687 ميلادي. اذاً يمكننا القول ان الدؤلي لم يضع النقاط على الحروف, بل قدم طريقة جديدة لكتابتها
عند البحث في النظرية الأولى صادفت اسمين يمثلان رابطًا مهمًا لبحثنا اليوم
نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني
الليثي معروف ب فقيه العربية كان عالما فصيحا باللغة, وفي الحقيقة كان أحد طلاب الدؤلي. بصراحة ليس هناك الكثير من المعلومات عن حياته ولكننا نعلم أنه توفي عام 89 هجري اي ما يقارب 707-708 ميلادي.
قيل أن الليثي كان أول من تجاهل طريقة ترتيب ابجد هوز وبدلاً من ذلك قام تنقيطها وترتيبها بالطريقة التي نعرفها بها اليوم. لكن التاريخ ذاته يقول ان يحيى بن يعمر العدوانى هو من قام بوضع النقط على الحروف و ترتبيها, و حلها اذا بتنحل
لذلك فكرت لماذا لا أتحقق من تواريخ ميلادهم وأيام وفاتهم؟ ربما ستوضح الأمور ، وقد فعلت ذلك ، لكنهم تداخل كل شيء، لذلك كانت الاستراتيجية عديمة الفائدة تمامًا.
لذلك فكرت في ثاني افضل حل, و هوالبحث أكثر على جوجل للعثور على ادلة و قد صادفت التالي: الليثي قام بوضع النقط على الحروف لكنه لم يكن الشخص الذي رتبها كما نعرفها اليوم. اما يحيى فقد وضع النقط ايضا على الحروف و رتبها كما نعرفها اليوم بالاستناد الى كتب الدؤلي و الليثي
اذًا يمكننا اعتبار النظرية الثانية صحيحة!
الحمد لله وجدت إجابات على أسئلتي والآن يمكنني النوم بسلام ، أليس كذلك؟ خطأ! ماذا الان 😩 😭
بينما كنت منغمسة في البحث عن الحقيقة ، وصلت إلى منشور مدونة “جلطني”. كاتب المنشور إياد حسن جاسم و قد اقترح نظرية ثالثة اي و هي ان الاحرف العربية كانت منقطة قبل الدؤلي. معقول أن كل شيء كتبته غلط؟
إياد يروي قصة وثيقة و صل استلام بين تجار عرب و اخر محليين كالتالي(بإقتباس): الوثيقة هي عبارة عن وصل استلام بين احد القادة العرب وتجار محليين لعدد من الارزاق المتمثلة بخراف للذبح لغرض تموين الكتبة والفرسان واسطول السفن النهرية المستخدمة من قبل القوات الفاتحة. الملاحظات:
تم الشراء من تاجرين او شخصين مسيحيين يمكن ان يكونا راعيين او موظفين عند مالكي الاغنام
البيع تم في هيليوبوليس
الكتاب مكتوب باللغتين اليونانية والعربية ويلاحظ ان الخط العربي كان منقطا انذاك
الوثيقة هي جزء من مجموعة الارشيدوق راينير ومحفوضة في المتحف الوطني النمساوي في فيينا
انا شو بفهم من هل حكي؟؟؟؟
بعد انهياري العصبي الصغير, تقبلت الموضوع و بدأت ابحث عن اي دليل يثبت وجود هذه الوثيقة و وضعت بعض النظريات التي قد تساعدني على معرفت الحقيقة:
الاحرف كانت منقطة كما نعرفها اليوم
الاحرف كانت منقطة بطريقة تتشابه مع مبدأ الدؤلي بالتنقيط
الاحرف لم تكن منقطة من الاساس
انظروا ماذا وجدت, الوثيقة!!!!!!!!!!
وصل الاستلام : كتب باللغة العربيّة – هل يوجد نقط على الحروف ؟
يقرأ النقش:
مقتطف من كتاب تاريخ الخط العربي عبر العصور المتعاقبة
هل تروا النقاط؟ ام انا الشخص الوحيد الذي يرى بعض النقاط على حرف النون؟؟؟ و لماذا فقط على حرف النون؟
حسنًا ، هذه الفرضية يمكن أن تذهب في أحد الاتجاهين
اذا رأيت نقاط علق ✔️ و اذا لم تر علق❌
المهم يمكننا الاتفاق ان الاحرف ليست كلها منقطة, اذا يمكننا حذف النظرية التي تقول ان الاحرف كانت منقطة قبل الدؤلي, لانها تختلف عن التنقيط الذي نعرفه اليوم
السبب وراء تنقيط الاحرف؟
لجأ العلماء الى تعديل اللغة العربية بسبب ظهور اللحن باللغة العربية و خوفًا من ان يستمر التلحين ليصل الى القرآن الكريم
اخبرني احدهم قصة صغيرة اضحكتني عن الحجاج (ان كنت لا تعرف الحجاج فإقرأ عنه هنا, اقل ما يقال عنه انه شخص مثير الاهتمام) المهم كان انسانا قاسيا ومخيفا و كان فصيحًا و بليغًا باللغة العربية و على ما يبدو كان يأمر بمعاقبة الذين يتلعمثون او “يتأتئون” عند القراءة.
يا ربي! تخيلوا كانوا يُضربون لمجرد أخذ و قت اطول لتحليل ما تقول الجملة التي هي من دون نقاط على فكرة, الله لا يحطه بديار حدا
هل يدرك أحدكم مدى صعوبة قراءة – ليس كلمة أو جملة بل – فقرات في اللغة العربية بدون نقاط ؟؟ ليس لديك نقاط لإرشادك وبعض الحروف متطابقة ماذا تفعل في هذه الحالة؟
عليك أن تصنع معنى من الجملة قبل قراءتها وهذا عكس ما نفعله الآن. نحن نقرأ أولاً ثم نعطي الجملة معنى ولكن في الماضي كانت القراءة دورة كاملة لمهارات حل المشاكل، كان في القراءة تحفيز عقلي أكثر مما هو الآن أيمكنك أن تتخيل ذلك؟
لذلك يمكننا أن نستنتج نوعًا ما أن يحيى والليثي هم من قدموا الاحرف بالشكل الذي نعرفه اليوم. إن تطور اللغة العربية عبر التاريخ مذهل,بالتأكيد لا يزال غير واضح لكن لا شيء اقل من رائع.
هل تعرف أي نظريات يمكن أن تساعدنا في التّوصل إلى نتيجة أفضل؟ ربما حتى كتابة جزء 2 من المنشور؟ شارك معنا في قسم التعليقات ادناه, و اذا حدا بيعرف قصص ظريفة يقولها كرمال نغير جو