حكمة عن أهمّيّة الثقافة ، من فيلم أمير كوستوريتسا : “إيل بيبي – حياة فضلى”

أمير كوستوريتسا مخرج صربي \ بوسني مميّز ، ذاعت شهرته عندما فاز فيلمه “underground” (تحت الأرض أو النفق) الجائزة الكبرى في مهرجان كان (عام 1995) … الفيلم جميل جدّا ومبدع، وفيه موسيقى رائعة.. إنّه تصوير يأخذ شكلا كوميديا وسورياليّا عن منطقة البلقان المضطربة بشكل عام.

أخرج عام 2018 وثائقيّا عن رئيس الأوروغواي خوسيه موهيكا المعروف ب “بيبي” بعنوان “إيل بيبي – حياة فضلى” … يروي الرئيس المذكور فيه جوانب من حياته، وأثناء ذلك يتحدّث عن الثقافة وأهمّيتها.

قد يكون من المفيد الاستماع إلى الأشخاص الذين يمتلكون تجربة حياتيّة وثقافيّة مهمّة وعامرة بالتحدّيات والصعوبات وتخطّيها.

وهنا بعض ما قال بيبي عن موضوع الثقافة ودورها في تحقيق أهداف تنمويّة مختلفة ، وضمن إطار الفشل في تحقيق الكثير من الطموحات، والذي نتج عن إهمال الثقافة ودورها لصالح العوامل المادّيّة فحسب.

دور الثقافة مهم جدا. نحن نهمل المعركة الثقافيّة أحيانا. لن يكون هناك بشريّة أفضل، حتى يحدث تحوّل ثقافي. الثقافة ليست لوحات نعلّقها على الحائط، أو أشياء يقوم بها الفنانون والمثقّفون وحسب.. الثقافةهي مجموعة القيم التي نحيا بها كلّ يوم. ذلك جزء من إنتاج مجتمع أفضل.

من أجل تحسّن البشريّة كلّها، فإنّ المسألة الثقافيّة مهمّة جدا، وهي قد تكون بأهميّة المسألة الماديّة.

يمكننا تغيير النواحي المادّيّة، ولكن إذا لم تتغيّر الثقافة، فلن يتغيّر شيء. التغيير الحقيقي يحدث في عقولنا.

يصعب تحقيق الأهداف الاجتماعيّة المختلفة بالنظرة المادية فقط، لأن التغيير الحقيقي هو تغيير في إدراك المجموعة.. والمعبّر عن هذا هو الثقافة. الثقافة يجب أن تكون حيّة ومتطوّرة، تحمل إرث الجماعة وجهدها للتطوّر الدائم. تطوّر الثقافة ليس بالأمر السهل لأنّها نتاج لعمل و أفكار الكثيرين… ولكن لا بدّ من المحاولة.

ملصق الفيلم : “إيل بيبي – حياة فضلى”

نزار قباني والحب: عن علاقته ببلقيس

: عن نزار قباني

حين يكون كلامنا عن احد معجزات الشعر والحب نقف قليلا ونتأمل بكل حرف قيل عنه ليس لانه مجرد حروف بعثرت,رتبت و جملت بل لانها من اجله هو فقط كتبت. نزار قباني ذلك الشاعر الذي عجزت عنه كل القصائد والابيات, امتلكها بيده وخضعت لكل حروف اللغة.

كل قصائد الغزل والاعجاب لم تأسر قلب قصيده نزار الا بلقيس , احبها نزار حبا لم يعشه من قبل  وكتب لها الكثير من القصائد , التقى نزار قباني ببلقيس في احدى أمسياته الشعرية في العراق , رآها وكانت  كالملاك…أحبها من النظرة الأولى ….حيث علق على علاقتها به قائلا:في عام 1969 جئت الى بغداد لألقي قصيدة, وبعد قراءة قصيدتي التقيت بقصيدة ثانية اسمها بلقيس وتزوجتها. وانجب منها : زينب وعمر.

:علاقته ببلقيس

الا أن كان لقائه بها منذ عام 1969 حيث تعرف عليها وطلبها للزواج ولكن والدها رفض بحجة انه ليس عراقيا من جهة وأنه شاعر من جهة أخرى, وحاول كثيرا ولكنه لم يلق الى الرفض القطعي من دون اي نقاش , ولم تتزوج بلقيس غيره وبقيت علاقتهما كما هي ثم عاد وتقدم لخطبتها مجددا وكان معه سبعة سفراء من الشخصيات الدبلوماسية وذهب بهم الى الأعظمية الى أن وافق والدها وتزوجا..

مع بداية الثمانينيات استقرت بلقيس ونزار في العاصمة اللبنانية بيروت , وكانت بلقيس في تلك الفترة تعمل في السفارة العراقية في لبنان ويعتبر منزلها بمثابة القاعة الثقافية والادبية, وفي الخامس عشر من ديسمبر عام 1981 هز انفجار عنيف وسط العاصمة بيروت وقد استهدفت سيارة مفخخة مبنى السفارة العراقية وكان ضحية التفجير أكثر من ستين شخصا من بينهم كانت بلقيس زوجة وحبيبة نزار قباني .

ويصف نزار هذه اللحظة قائلا: كنت في مكتبي في شارع الحمراء حين سمعت صوت انفجار زلزلني من الوريد الى الوريد ولا ادري كيف نطقت ساعتها : يا ساتر يا رب .. ثم جاء من ينعي الي الخبر بأن السفارة العراقية نسفوها فقلت في نفسي : بلقيس راحت ..

كانت بلقيس واحة حياتي وملاذي وهويتي وأقلامي.

كان وفاة بلقيس دمارًا لحياة نزار وقد نعاها بقصيدة كان عنوانها”بلقيس”…


شكراً لكم ..
شكراً لكم . .
فحبيبتي قتلت .. وصار بوسعكم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدة
وقصيدتي اغتيلت ..
وهل من أمـةٍ في الأرض ..
إلا نحن نغتال القصيدة ؟
بلقيس …
كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل
بلقيس ..
كانت أطول النخلات في أرض العراق
كانت إذا تمشي ..
ترافقها طواويسٌ ..
وتتبعها أيائل ..
بلقيس .. يا وجعي ..
ويا وجع القصيدة حين تلمسها الأنامل

-“بلقيس” للشاعر نزار قباني
 عن نزار قباني و علاقته ببلقيس : صورة لنزار قباني
نزار قباني

قصّة شعريّة : مقتل القمر ( أمل دنقل)

(( قُتِل القمـــر ))!

قصّة شعريّة : مقتل القمر ( أمل دنقل)
…وتناقلوا النبأ الأليم على بريد الشمس
في كل مدينة ،
(( قُتِل القمـــر ))!
شهدوه مصلوباً تَتَدَلَّى رأسه فوق الشجر !
نهب اللصوص قلادة الماس الثمينة من صدره!
تركوه في الأعواد ،
كالأسطورة السوداء في عيني ضرير
ويقول جاري :
-(( كان قديساً ، لماذا يقتلونه ؟))
وتقول جارتنا الصبية :
– (( كان يعجبه غنائي في المساء
وكان يهديني قوارير العطور
فبأي ذنب يقتلونه ؟
هل شاهدوه عند نافذتي _قبيل الفجر _ يصغي للغناء!؟!؟))
….. …….. …….
وتدلت الدمعات من كل العيون
كأنها الأيتام – أطفال القمر
وترحموا…
وتفرقوا…..
فكما يموت الناس…..مات !
وجلست ،
أسأله عن الأيدي التي غدرت به
لكنه لم يستمع لي ،
….. كان مات !
****
دثرته بعباءته
وسحبت جفنيه على عينيه…
حتى لايرى من فارقوه!
وخرجت من باب المدينة
للريف:
يا أبناء قريتنا أبوكم مات
قد قتلته أبناء المدينة
ذرفوا عليه دموع أخوة يوسف
وتفرَّقوا
تركوه فوق شوارع الإسفلت والدم والضغينة
يا أخوتي : هذا أبوكم مات !
– ماذا ؟ لا…….أبونا لا يموت
– بالأمس طول الليل كان هنا
– يقص لنا حكايته الحزينة !
– يا أخوتي بيديّ هاتين احتضنته
أسبلت جفنيه على عينيه حتى تدفنوه !
قالوا : كفاك ، اصمت
فإنك لست تدري ما تقول !
قلت : الحقيقة ما أقول
قالوا : انتظر
لم تبق إلا بضع ساعات…
ويأتي!
***
حط المساء
وأطل من فوقي القمر
متألق البسمات ، ماسيّ النظر
– يا إخوتي هذا أبوكم ما يزال هنا
فمن هو ذلك المُلْقىَ على أرض المدينة ؟
قالوا: غريب
ظنه الناس القمر
قتلوه ، ثم بكوا عليه
ورددوا (( قُتِل القمر ))
لكن أبونا لا يموت
أبداً أبونا لايموت !
أمل دنقل - رسم حاتم عرفة
أمل دنقل – رسم حاتم عرفة – هل بإمكانكم قراءة ما كُتِب؟
أمل دنقل – قصيدة مقتل القمر – أرشيف ماسبيرو

عن أمل دنقل: (من ويكيبيديا العربيّة )

هو محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل. ولد أمل دنقل عام 1940م في أسرة صعيدية بقرية القلعة ، وقد كان والده عالماً من علماء الأزهر الشريف مما أثر في شخصية أمل دنقل وقصائده بشكل واضح

ورث أمل دنقل عن والده موهبة الشعر فقد كان يكتب الشعر العمودي، وأيضاً كان يمتلك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي مما أثر كثيراً في أمل دنقل وساهم في تكوين اللبنة الأولى لهذا الأديب. فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة من عمره مما أثر عليه كثيراً واكسبه مسحة من الحزن تجدها في كل أشعاره.

عمل أمل دنقل موظفاً بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية ثم بعد ذلك موظفاً في منظمة التضامن الأفروآسيوي، ولكنه كان دائماً ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الشعر. كمعظم أهل الصعيد، شعر أمل دنقل بالصدمة عند نزوله إلى القاهرة أول مرة، وأثر هذا عليه كثيراً في أشعاره ويظهر هذا واضحاً في اشعاره الأولى.

مخالفاً لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات استوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة. عاصر امل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية مما ساهم في تشكيل نفسيته وقد صدم ككل المصريين بانكسار مصر في عام 1967 وعبر عن صدمته في رائعته “البكاء بين يدي زرقاء اليمامة” ومجموعته “تعليق على ما حدث “.

عبر أمل دنقل عن مصر وصعيدها وناسها، ونجد هذا واضحاً في قصيدته “[الجنوبي]” (وهي آخر قصائده) في آخر مجموعة شعرية له “أوراق الغرفة 8″، حيث عرف القارئ العربي شعره من خلال ديوانه الأول “البكاء بين يدي زرقاء اليمامة” الصادر عام 1969 الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارئ ووجدانه.

أصيب امل دنقل بالسرطان وعانى منه لمدة تقرب من ثلاث سنوات وتتضح معاناته مع المرض في مجموعته “أوراق الغرفة 8” وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام والذي قضى فيه ما يقارب الأربع سنوات، وقد عبرت قصيدته السرير عن آخر لحظاته ومعاناته، وهناك أيضاً قصيدته “ضد من” التي تتناول هذا الجانب، والجدير بالذكر أن آخر قصيدة كتبها دنقل هي “الجنوبي”.